أخبار :: اليوم.. ذكرى رحيل المبدع العالمي نجيب محفوظ

سيداتى، سادتى
فى البدء أشكر الأكاديمية السويدية ولجنة نوبل التابعة لها على التفاتها الكريم الاجتهادى المثابر الطويل وأرجو أن تتقبلوا بسعة صدر حديثى إليكم بلغة غير معروفة لدى الكثيرين منكم، ولكنها هى الفائز الحقيقى بالجائزة، فمن الواجب أن تسبح أنغامها فى واحتكم الحضارية لأول مرة. وإنى كبير الأمل ألا تكون المرة الأخيرة، وأن يسعد الأدباء من قومى بالجلوس بكل جدارة بين أدبائكم العالميين ا لذين نشروا أريج البهجة والحكمة فى دنيانا المليئة بالشجن.

كانت هذه الكلمات القيمة بداية كلمته التي ألقاها عند استلام جائزة نوبل للآداب عام 1988.

نجيب محفوظ.. 

ولد نجيب محفوظ عبدالعزيز أحمد الباشا بحي الجمالية بالقاهرة، وكان أصغر إخوته، كان عمره 8 أعوام حين قامت ثورة 1919 التى أثرت فيه وتذكرها فيما بعد فى «بين القصرين» أول أجزاء ثلاثيته، التحق بجامعة القاهرة فى ١٩٣٠، وحصل على ليسانس الفلسفة، شرع بعدها فى إعداد رسالة الماجستير عن الجمال فى الفلسفة الإسلامية، ثم غير رأيه وقرر التركيز على الأدب.

بدايته مع الادب :

نمت علاقة نجيب محفوظ بالأدب من خلال قراءته للعقاد وطه حسين وسلامة موسى وتوفيق الحكيم والشيخ مصطفى عبد الرازق الذي درس له الفلسفة الإسلامية في كلية الآداب وكان يظنه قبطيا، وسير "ريدر هجارد" و"تشارلس جارفس" و"جيمس بيكي" و"توماس مان" و"سارتر" و"كامى" و"بيكيت" و"بروست" و"أناتول فرانس" و"هربرت ريد" الذي كان يكتب في مجال الفن التشكيلي، و"جولزورثي" و"تولستوي"، بالإضافة إلى قراءاته في الأدب الإغريقي.

وبعد تخرجه سنة 1934 كان نجيب محفوظ مرشحًا لبعثة لدراسة الفلسفة في فرنسا، لكنه حُرم منها، لأن اسمه القبطي أوحى بوفديته، وكانت الحرب ضد حزب الوفد على أشدها في تلك الفترة، مما حسم صراعا كبيرا كان يدور في نفس نجيب محفوظ بين الفلسفة والأدب، فحسم الأمر لصالح التفرغ للأدب.

بدأ نجيب محفوظ يكتب المقالات وهو في التاسعة عشرة من عمره، ونشر أول قصصه القصيرة "ثمن الضعف" بالمجلة الجديدة الأسبوعية يوم (3 أغسطس 1934م) لكنه انطلاقا من روح ثورة 1919 خطط لمشروعه الأدبي الكبير، وهو إعادة كتابة التاريخ الفرعوني بشكل روائي، وكتب بالفعل ثلاث روايات في هذا الاتجاه وهي: "عبث الأقدار" و"رادوبيس" و"كفاح طيبة"، لكنه توقف بعد ذلك وأعاد دراسة مشروعه.

قدم نجيب محفوظ عددا كبيرا من الروايات والأعمال الأدبية منذ بدايات القرن العشرين، وحتى وقت قريب، واستطاعت هذه الأعمال الأدبية أن تصور التاريخ الاجتماعي والسياسي والاقتصادي لمصر خلال القرن الماضي الذي يعد أهم القرون التي عاشتها مصر، وتركت بصمتها الواضحة على الشخصية المصرية.

انضم إلى السلك الحكومى ليعمل سكرتيرًا برلمانيًا فى وزارة الأوقاف (١٩٣٨-١٩٤٥)، ثم مديرًا لمؤسسة القرض الحسن فى الوزارة حتى ١٩٥٤، وعمل بعدها مديرًا لمكتب وزير الإرشاد، ثم انتقل إلى وزارة الثقافة مديرًا للرقابة على المصنفات الفنية.

وفى ١٩٦٠ عمل مديرًا عامًا لمؤسسة دعم السينما، ثم مستشارًا للمؤسسة العامة للسينما والإذاعة والتليفزيون. آخر منصبٍ حكومى شغله كان رئيس مجلس إدارة المؤسسة العامة للسينما (١٩٦٦-١٩٧١)، وتقاعد بعده، ليصبح أحد كتاب مؤسسة الأهرام، تزوج نجيب محفوظ فى فترة توقفه عن الكتابة.

توفى نجيب محفوظ فى ٣٠ أغسطس ٢٠٠٦، إثر قرحة نازفة بعد عشرين يومًا من دخوله مستشفى الشرطة فى حى العجوزة، لإصابته بمشكلات صحية فى الرئة والكليتين.